ظاهرة انحسار الاسعار

كان هناك خبراً ملفتاً للأنظار من منطقة اليورو ، فقد انخفض معدل التضخم إلى 0.7% في اكتوبر الماضي الذي يعد أقل معدل منذ حوالي أربعة سنوات. و الآن الاكثرية تتوقع نية البنك المركزي الأوروبي في تخفيض سياسته المالية.

و لا يعد الاتحاد الأوروبي الوحيد في فعل ذلك . فتظهر الأرقام من مستشاري البيت الأبيض أن معدل النمو في مؤشر انسجام أسعار المستهلكين (HICP) ؛الذي يعد مؤشر للمقارنة العالمية ؛ كان 0.8% في شهر تموز من هذا العام ، مقارنةً ب 2.1% في أمريكا السنة الماضية .

لكن تعد كل من اليابان و سويسرا استثناءً من هذه القاعدة فقد خرجوا من انحسار الأسعار الصارخ ، إلى أرضية تضخم معتدلة جداً.
فقد ساعد بذالك تخفيض أسعار السلع ، فانخفضت أسعار الطاقة في منطقية اليورو في هذا العام 1.7% ، بينما أسعار الطعام قد ارتفعت فقط 1.9% مقارنةً ب 2.6% العام المنصرم.

و لكن الأهم أن التضخم الأساسي قد انخفض (التضخم ماعدا المواد الغذائية والطاقة ) انه فقط 0.8% في منطقة اليورو.

يكتب Alan Ruskin من البنك Deutsche الألماني: هناك عنصر عالمي واضح للقصة المتعلقة بانحسار الأسعار المتعلقة ببطء و تأخر الاستجابة عن الانخفاض الكبير بالناتج المحلي، فالأكثر ملاحظة في الولايات المتحدة هو تقليل الضغط على أسعار البضائع من قبل الصين ؛ و تطوير مزودات ماصات الطاقة .

إذا ، السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يحدث هذا التضخم المتوقع حدوثه أثناء ضخ التسهيل الكمي ؟
السبب في هذا وضح أنه ليس البنوك المركزية وحدها بالأصل هي المسؤولية عن خلق المال.

تخلق النقود عادةً من نظم بنكية خاصة (الرافعة المالية) لكنها هي الآن في طور التقليص (تقليص الرافعة تقليل الديون) ، لنشبه الكتلة المالية بحوض الاستحمام و أن البنوك المركزية هي من تفتح الحنفيات لتعبئة هذا الحوض لكن تأتي البنوك التجارية و تفتح السدادة و تفرغ المحتوى. فقد تباطأ نمو الكتلة النقدية في تموز بمنظفة اليورو إلى 2.7% بينما كان 2.3% في أب ، و انخفض الإقراض البنكي 1.4% هذا العام.

و ماذا يعني كل هذا ؟

هذا يبدوا أن احتمالية الحفاظ على التراخي الشديد بالسياسات المالية بالبنوك المركزية ، و هذا ما يبرر إدعائهم السيطرة على التضخم فيمكنهم التركيز على البطالة.

و بالنسبة للمستثمرين هذا سوف يعني دعماً في الأسواق المالية (السندات-الأسهم) ، لكن الجدير بالملاحظة أن انخفاض معدل التضخم يجعل من الريع الحقيقي العائد على السندات موجباً، و هذا ما سوف يؤلم الكثير من المتشائمين من أسعار السندات.

بالنسبة للعاملين ربما لن يحصلوا على علاوة برواتبهم لكن على الأقل استنزاف أجورهم الحقيقية قد خف ، بالنسبة للحكومات ، يبدو تخفيض التضخم خبراً جيداً لكنه يعني أيضاً و بعض النظر عن القفزة في اقتصاد منظقة اليورو ، مازال ( الناتج المحلي الاجمالي) GDP الاسمي لا ينمو بالسرعة الكافية (GDP الحقيقي = GDP اسمي + تضخم) ، قدر Marchel Alexandrovich في Jefferies estimates أن معدل النمو السنوي ل GDP الاسمي في كل من اسبانيا و ايطاليا يبدو أنه بقى 2.5% مقارنةً بنمو 5-7% في الفترة بين 1990 و 2008، فكل منهما يكون الريع على السندات الحكومية فيهما أعلا من هذا المعدل (2.5%)، هذا ما يجعل آلية الدين صعبة للغاية من دون فوائض الميزانية الأولية (قبل دفع الفائدة) ، فالدين سوف يرفع نسبة من GDP.

و بالعودة للوراء إلى للمعضلة فكثيرا ما يقال ، إذا كنت لا تستطيع أن تنمي طريقة للخروج من أزمة الدين ، فعليك إما تضخيم الدين أو إعلان الإفلاس . حسناً ، فمنطقه اليورو لا تنمو بالسرعة الكافية و لا يوجد بها تضخم فهذا يدعنا أمام خيار الإفلاس الأكثر احتمالية.

ترجمة غنى تقي الدين

Comments are closed.

%d