الجدولة الزمنية بين كرة المضرب وشركتك

يتابع كثير منا مباريات بطولة “ويمبلدون” للتنس. لكن ألم يحدث لك أن انشغلت عن متابعة إحدى المباريات لفترة قصيرة من الوقت لتعود فتجد إيقاع المباراة قد تغير تماما، وأن أحد اللاعبين أصبح يسيطر على المباراة ويحصد النقاط من اللاعب الآخر؟ ألم تتعجب حينها كيف حدث هذا التغيير الهام في إيقاع المباراة؟

لكل لاعب إيقاع معين للأداء. قارن مثلا بين الإيقاع الذي تلعب به كلا من “شتيفي جراف” و”أرانشيا سانشيز”. تفضل “جراف” النقاط السريعة القصيرة ولذلك تبدو في أحسن حالاتها في بداية المباراة، حيث تمارس الأسلوب الهجومي، ولكنها تمل النقاط الطويلة المرهقة التي تضطرها إلى بذل جهد كبير بالتحرك نحو الشبكة وإلى الخلف.

أما “سانشيز” فتبدو غير مستعدة للهجوم منذ بداية المباراة فهي تفضل الأسلوب الدفاعي، فهي تحب رد الفعل أكثر مما تحب المبادرة بالهجوم. ولذلك فهي تبدو في أحسن حالاتها في منتصف المباراة، فهي تتحمس للنقاط الطويلة المرهقة، ويتزايد نشاطها ليصل إلى ذروته كلما أمتدت المباراة. تبدو “أرانشيا” وكأنها تحارب في المباراة وتكلم نفسها إذا ما فقدت إحدى النقاط أمام منافستها. فما الذي يحدث إذا ألتقت هاتان المتنافستان ؟ من تفوز على الأخرى؟

الإجابة هي: اللاعبة التي تفلح في فرض إيقاعها الخاص على المباراة هي التي تفوز بالمباراة. فالمباراة تظل تتأرجح بين اللاعبتين حتى تتمكن إحداهما من فرض إيقاعها المفضل على منافستها وتكسب منها المجموعة. الآن ما علاقة مباريات التنس بالمنافسات في عالم الأعمال؟

ما ينطبق على إيقاع اللاعبين في ملعب التنس يسري أيضا على إيقاع الشركات في تنافسها على اجتذاب العملاء. فإيقاع الشركة التي تتبع أسلوب الجدولة الزمنية لإصدار المنتجات يختلف تماما عن إيقاع الشركة التي تكتفي بأسلوب الجدولة الحدثية لإصدار المنتجات. فالشركات الأولى تفرض إيقاعها الخاص على الشركات الأخيرة، وتوجه السوق الوجهة التي تريدها.

يمكنك أيضا أن تلاحظ نفس الشيء على سوق الكتاب وسوق الكاسيت والسينما: فالمطرب الذكي والممثل الواعي والكاتب الأريب كلهم يحرصون على إصدار أعمالهم للجمهور تبعا لإيقاع زمني معين بحيث يستمرون في التواجد داخل وعي الجمهور. يحدث هذا بينما ينسى الجمهور المطرب والكاتب المقلين في إصداراتهما والممثل المقل في أعماله. فماذا عن إيقاع شركتك أنت؟

Comments are closed.

%d