البيروقراطية و حكوماتنا .. من أساء للآخر?!

قد يكون التناقض لزاما للحياة و يفرض علينا أن نتعايش معه ، و في دراستي القصيرة للإدارة قد أكون واجهت أصعب تناقضاً حينما أتعلم ماهي البيروقراطية و كيف تمارس و أصدم بواقعاً قلب مفهومها تماماً ، من هنا كان تساؤلي من أساء للآخر !

يرجع أصل نظرية البيروقراطية إلى عالم الإجتماع الألماني Maxveber و التي تعني سلطة المكتب أو سلطة الأجهزة الإدارية مما يعني أن فيبر حدد سلطات و مهام المرؤوسين ضمن قواعد و إجراءات رسمية بالتالي هي ذات تسلسل هرمي حددت سلطاته أي العمل فيه قائم على أساسها لا على العلاقات الشخصية و هو يتطلب مهارة و تخصص في العمل بالتالي الترقية و التوظيف فيه قائم على مبدأ الإستحقاق لا على ( الواسطة ) .

و أغلب حكوماتنا اتخذت البيروقراطية تصميماً لتنظيم هياكلها التنظيمية لكن عدم استخدامهم لها بالشكل السليم كوّن لديهم سمات عرقلت الوصول الأهداف المخطط لها ، لذلك نرى أن حكوماتنا اتسمت بإنعدام المرونة الناتجة عن الإفراط في استخدام القوانين و الإجراءات و ذلك أدى إلى قتل روح الإبداع و الإبتكار و التجديد مما أوجد الروتينية في العمل ، لأن اهتمام الموظفين انصبّ على التقيد بالإجراءات و القوانين فقط دون النظر إلى المصلحة العامة أو تحقيق أهداف المنظمة التي هي من أساسيات النظام البيروقراطي .
و من المؤكد أنك يوماً عايشت أحد المصطلحات التي تمارسها حكوماتنا التي سرعان ما تسبب لك إحباطاً و خيبة أمل و هي كلمات ذات فعالية لكن الإستخدام السلبي كوّن عنها صورة ذهنية سيئة ، كمثل أن يقال لك سنكوّن لجنة تبحث الموضوع لينسوك إياه تماماً أو يصلوا بك لدرجة اليأس أو سنرى المعاملة التي ربما يلزمك تُصحبها بواسطة كي تمر بسلام أو سنتخذ الإجراء بالتالي يستوجب عليك أن تراجعهم يومياً أو اللائحة تقول كذا و كذا الكلمة التي اتخذوها سلاحاً أمام كل محتج ، أو الإستراتيجة التي تمثلت في مثاليات و تحديات لا نراها تطبيقاً عملياً و قد تكون خيالية بالنسبة للوضع الراهن في الحكومة ، و غيرها من الأساليب الإدارية الروتينية التي تفضل أن تتنازل فيها عن حقك و لأنك في الغالب لن تحصل عليه كاملاً .

أي كل ما يحدث هو بعيد كل البعد عن أساس النظام البيروقراطي لذلك ارتبط مفهومها بالفساد الإداري بسبب البيروقراطيين الإتكاليين المتقاعسين الذين أخذوا من النظام ما يناسبهم و يوافق أهوائهم و أضافوا له ماهو غير موجود أساساً ثم يحمّلونه المسؤولية !

و حديثي عنها لا يعني أني أفضّلها لكن وفاءً للعالم ماكس فيبر و لنظريته ، فإما بيروقراطية سليمة عادلة أو “خلوها لأهلها ” و انتهجوا الديمواقراطية .

مشاركة قراء كتبتها لنا أروى إبراهيم الثنيان .

* لمن يرغب بالمشاركة في نشر مقال له حول إحدى موضوعات المدونة، يرجى إرسالها عبر زاوية اتصل بنا في أعلى الصفحة

 

2 Comments
  1. حازم سويلم says

    كثيرا ما أثارنى موضوع البيروقراطيه ومعضلات تطبيقها, كأنما هى آلهه من العجوه, صنعها البشر ثم عبدوها. الكل يتحجج بالبيروقراطيه كما لو انها نصوص الهيه وكما لو ان الهدف هو تطبيق اللوائح وليس تيسيير مصالح الناس..

  2. محمد says

    المفاهيم عندنا يا تتفهم بالعكس، يا يتم تطويعها حسب الأهواء.

Comments are closed.

%d