مراجعة كتاب الوليد .. من الإستدانة إلى ملياردير العرب

 

ارتبطت كلمة “الوليد” بالملياردير الوليد بن طلال، أصبحت علامة تجارية له. يحكي الكتاب سيرة الأمير السعودي منذ البدايات الصعبة والتأسيس إلى قبل بضعة سنوات. من قرض حصل عليه بقيمة مليار ريال إلى تربعه في المركز الأول لأغنى سعودي. كيف فعلها؟

بداية كان من الممكن أن يكتب الكتاب بطريقة أفضل بكثير، لا أعرف إن كانت هذه هي رؤية الوليد وهذه هي الأفكار التي يود التركيز عليها وتكرارها، إلا أنه لم يكن متسلسلاً أبداً وهذا أسوء شيء يمكن أن يحصل في كتب السيرة الذاتية.

يفترض بهذه النوعية من الكتب سواء التي كتبها أصحابها كما في كتاب آلان غرينسبان – عصر الإضطراب، أو التي كتبها آخرون عن الشخصيات كما في كتاب والتر إيزاكسون عن سيرة حياة ستيف جوبز، يفترض أن تسير وفق منهجية تاريخية متسلسلة تبدأ مع طفولة ونشأة الشخصية وتمضي معها في خطوات تأسيس امبراطوريتها. هذا الكتاب لم يعتمد هذا الأسلوب وكان مفككاً.

ركّز الكتاب بشكل كبير على صفقة سيتي بنك وهي أكبر صفقة قام بها الوليد حيث وضع نصف ثروته حينها فيه وأنقذه من الإفلاس. على العموم أردت من قرائتي للكتاب أن أعرف المنهج الذي يتبعه الوليد في اختياره لاستثماراته وكانت في ذهني فكرة مسبقة وبعد الإنتهاء منه ثبت صحتها.

الوليد يمشي على طريقة وارن بافت. الاستثمار في القيمة .. عندما يهرع المستثمرين الصغار هاربين من الأسهم أثناء انهيار الأسواق يركض هؤلاء بالإتجاه المعاكس حاملين أكياس أموالهم ودفاتر شيكاتهم مشترين الأسهم الجيدة بأبخس الأثمان. يشتري الوليد الشركات والأعمال لا الأسهم، أي يهتم بأن تتابع الشركة عملها ويساندها في محنتها لتخرج منها وتعود عليه بالأرباح لاحقاً.

يقع الوليد حالياً في المركز 34 ضمن قائمة فوربس لأثرى رجال الأرض بثروة تقدر بنحو 29.4 مليار دولار. تتنوع محفظة استثمارات الوليد بشكل كبير على الرغم من أنها بدأت مع الاستثمارات في المصارف لكنها لاحقاً أضيفت لها الفنادق بشقيها الإدارة والعقارات والترفيه والإعلام والشركات التقنية والسيارات وتجارة التجزئة والزراعة والصحة والتعليم وغيرها الكثير جداً.

يستثمر الوليد في الشركات على المدى الطويل عادة، ويبحث عن الشركات التي تحمل بذاتها قيمة حقيقية مستدامة وهكذا يفعل بافت. الفارق الأبرز أن الوليد بدأ بقرض بمليون ريال لتأثيث مكتبه وبدء عمله بشركته المملكة القابضة واستفاد من علاقاته وعلاقات والده لاسيما أنه عضو في العائلة المالكة بالتالي تمكن من الوصول إلى أصحاب القرار بسهولة، في حين أن وارن بافت كان عصامياً بشكل أكبر وبنى كل شيء بنفسه حتى أن بافت أغنى من الوليد بكثير إلا أن مظاهر البذخ لا تبدو عليه ولا يرغب بها، حيث تجد أن سيارة بافت القديمة لايزال يحتفظ بها إلا أن الوليد أراد تغيير يخته بآخر جديد يتسع لطائرتي هيلوكوبتر.

لم يرغب الوليد أن يركن جانباً ويستفيد من الراتب الشهري المجزي الذي يصرف له كونه عضواً بالعائلة المالكة، إلا أنه أراد أن يغير العالم من استثماراته وتبرعاته ولعب دور حيوي كرجل أعمال.

لدي انتقادات كبيرة على الكتاب، لم يعطي صورة أفضل حول استثمارات الوليد وتنقله بينها في حين ركز كثيراً وكرر التركيز على نمط الحياة المتسارع الذي يعيشه ولعلي لاحظت أن المؤلف ريز خان بالغ أحياناً في أوصافه وقد أعذره في هذا لأن الكتاب ليس محايداً مستقلاً.

على العموم كان من الممكن اختصار الكتاب البالغ عدد صفحاته أكثر من 400 صفحة إلى النصف ومع بعض الترتيب في عرض الأفكار من الطفولة والنشأة إلى الشباب والدراسة ومن ثم بدء الأعمال. هذا الخلط بين الحياة الشخصية والعملية والتكرار في الأفكار جعلني أنفر ولا أرغب بالمتابعة أحياناً.

Comments are closed.

%d