حب على الورق !!

منذ زمن لا بأس به ظهرت أعظم قصة حب عبر التاريخ حيث أن العاشقين لم يلتقيا ابداً وجهاً لوجه بل كان تواصلهم يتم فقط عبر الورق والرسائل ، بالكلام استطاعا ان يعشقا بعضهما حتى الموت وكان حبهم صادقاً جداً ظهر ذلك من خلال المعاني العميقة لمفردات الرسائل المتبادلة بينهم .

بدأت العلاقة من تبادل للآراء فكان أديباً وكاتباً معروفا وكانت ترسل له نقداً أدبياً عميقاً جعله يشعر بموهبتها عندما قرأ ما كتب عنه وبدأ يرسل إليها خطاباته وبدأت ترد على هذه الرسائل واذا بكل منهما يميل للآخر ومن ثم تحول هذا الميل إلى صداقة وتحولت الصداقة إلى حب عميق

ظل الحب يعيش في قلبهما مدة عشر سنوات كاملة !وحدثته عن أدق المشاعر حتى عن تسريحة شعرها ، بالتأكيد كانا يريدا اللقاء وجها لوجه ولكن شاءت الاقدار ان لا يلتقيا فهي بجانب والدها المريض وهو بعيد في المهجر وعندة وفاته توقفت الرسائل الغرامية وانتهت قصة غرام عبر الورق من أعظم ما يكون .

هذا كان أيام زمان … ودوام الحال من المحال فأصبح الحب هذه الأيام يبنى على الطرق العصرية واصبح من يتبع تلك الطرق السابقة متخلفاً ومجنوناً

تم إلغاء الورق والكتابة من قاموس أبناء هذا الزمن فالتواصل أصبح مباشراً سرياً جداً وسهلا فلا داعي لرصف المفردات الغرامية ودبجها في نص رسالة تعبر عن صدق المشاعر ولا داعي لانتظار وقت طويل يولع به العاشقان حتى تصل الرسالة فيحضنها ويقبلها ويقرأها مرة واثنتان وعشرة ويكتب رداً عليها يستغرق منه وقت ليس بالقليل وتعود الكرة … الذي استمر على هذا الحال عشر سنوات يسمى عاشقاً ومن يفعل كل تلك الخطوات بلمح البصر يسمي نفسه عاشقاً

مع اختراع الانترنت وبالتحديد برامج المسنجر اصبحت امور التواصل من بديهيات الحياة الانترنتية والعشق الالكتروني عبر الاسلاك أصبح الاكثر شعبية بين جمهور العشاق ولكن هل فعلاً هناك صدقاً بالمشاعر ؟ هل فعلا هناك حب متبادل ؟ أم أفخاخ تنصب لإيقاع أية فريسة و تزيف بالكلام المعسول

هناك من يدعو نفسه عاشقا وهو يتواصل مع احداهن أيضا عبر الكلام لكنه يرمي بنفس الكلام كل مرة للأولى والثانية والثالثة والأخيرة متحججاً بانه إن لم تنجح هذه فتلك ستفعل وهكذا دواليك .

عشر سنوات ولم يسمع صوتها او يرى صورتها بينما هنا من أول لقاء تم تبادل أرقام الهواتف المحمولة وارسال صورة شخصية معدلة بشكل جيد ولا تظهر أي عيب

عشر سنوات و قد تلقى منها ما أضاف للأدب الكثير من القصص وأدبيات الغرام بينما هنا لم يخرج نطاق الحديث عن القيل والقال وبعض وصف الحال

عشر سنوات وقلبهما معلق بخيط رقيق لعلهما يلتقيا ويتابعا الحديث الغرامي على ضفة النيل وجها لوجه يشعرا ببعض بالدفء الذي أحاط بهما بينما هنا من أول نصف ساعة حوار الكتروني يتم التواعد في مكان ويحجز بأقرب رحلة إن لم تكن من نفس المنطقة

بالتأكيد لامجال للمقارنة ولا داعي لذكر محاسن ومساوئ كلٍ منهما لكن فقط أريد ان اخبركما اني كنت اقصد بالأولى مي زيادة و جبران خليل جبران والثانية أي شخصين من هذا الزمن يسميان نفسهما عاشقين .

2 Comments
  1. ليلى .. says

    أحببت الحب العذري في الشق الأول .. ولم أحب الشق الثاني ..
    تقبل مروري ..

  2. ناسداك says

    لطالما كان الحب العذري معذباً … وبعذابه يزداد رونقه

    أهلا بك ليلى

Comments are closed.

%d