ما هو التسويق السياسي وكيف يطبقه حزب العدالة والتنمية

 

يبخس المبتدئين حق علم التسويق بأنه يقتصر فقط على الإعلان أو الترويج للمنتجات والخدمات، في حين أن التسويق أوسع من هذا بكثير، فهو يشمل مجالات لم تكن تتخيلها كالفكرة والمكان والشخص وحتى السياسة وهو ما سنتعرف عليه اليوم أي التسويق السياسي ونتحدث عن حزب العدالة والتنمية كمثال عملي.

بداية التسويق السياسي يشمل المرشح للإنتخابات البرلمانية، المرشح للرئاسة، الحزب والأفكار السياسية .. سواء كان مرشحاً للإنتخابات فهو – يفترض – يطلق حملة انتخابية لإقناع الناخبين بكسب أصواتهم، ويعرف أيضاً بالتسويق الانتخابي، وكذلك الأمر عند المرشح الرئاسي كما يحدث في أمريكا حيث تنظم الحملات الإنتخابية على مدى عدة أشهر قبل مواعيد الإقتراع.

بالطبع يعد التسويق السياسي حديث العهد مقارنة بالتجاري، ويكون المرشح هنا المنتج والناخب هو الزبون أو مشتري المنتج.

ويتوسع التسويق السياسي لأكثر من الإنتخابي، حيث يمتد لما بعد الحملة الانتخابية ونجاح المرشح.

يمكن أن نقول أن أولى أشكال التسويق السياسي ظهرت عندما استخدم الرئيس الأمريكي أيزنهاور أساليب وتقنيات خاصة للتواصل مع الناخبين. وبعدها راج هذا النوع من التسويق في دول اخرى مثل انكلترا وفرنسا وبلجيكا.

بالطبع لا نعرف في عالمنا العربي أكثر من مجرد التسويق الانتخابي المتخبط الذي يقوم به مرشحي مجلس الشعب أو البرلمان وهو لا يزيد عن مجرد تلوث بصري نتيجة ملايين اللافتات التي تحمل صور المرشحين ببذاتهم الأنيقة وابتساماتهم الصفراء موزعة في أنحاء البلاد. والوضع على أسوء عندما يتعلق الأمر بالأحزاب أو الرئاسة.

التسويق السياسي لدى حزب العدالة والتنمية التركي

في تركيا حيث هناك معارضة حزبية منظمة فالتسويق السياسي مطلوب بشدة لكسب الأصوات وتحقيق الأغلبية من أجل الوصول إلى الحكومة أو الرئاسة. وهذا ما قام به حزب العدالة والتنمية حيث تفوق على منافسيه من الحزب الجمهوري والحزب القومي.

قام حزب العدالة والتنمية بتقسيم السوق تماماً كما يفعل مدراء التسويق في الشركات التجارية، حيث كل شريحة لها خطاب انتخابي خاص إضافة لإستخدام شعار عام للحملة ككل.

يلعب الحزب على وتر حساس لدى كل شريحة، إضافة لوتر مشترك لدى مختلف الشرائح. فمثلاً استخدام مصطفى كمال أتاتورك وأفكاره لازالت أداة قوية للترويج، ولا ننسى استخدام الأديان في المناطق المتدينة وبالطبع لاحظتم ما فعله أردوغان في المناطق الكردية عندما لوح بترجمة نسخ من القرآن إلى لغتهم.

يحتاج التسويق السياسي أيضاً لفروع التسويق التجاري كالإعلانات وأساليب الترويج والعلاقات العامة، فمن الطبيعي أن يستخدم الحزب لافتات بارزة في مراكز المدن وحتى الإعلانات التلفزيونية وعبر الراديو والأهم من كل هذا هو اللقاءات في مختلف المدن بشكل مباشر ووجهاً لوجه مع الناخبين وهو أمر لا نعرفه في عالمنا العربي حيث أن المرشحين أو الأحزاب قلما أو نادراً ما تقوم بمثل هذه اللقاءات.

لو دققت لوجدت أن هتلر وأردوغان يشتركان بالشخصية الكاريزمية واسلوب الخطابة الذي يتميزان به لحث الجماهير وإثارة عواطفهم أثناء التحدث إليهم عن ما يهتمون به من وعود انتخابية، بدلاً من الأسلوب الخشبي للمرشحين العرب. حتى أن حزب العدالة حول رموزه مثل أردوغان وداوود أوغلو إلى علامات تجارية مرتبطة بالحزب، تماماً كما ارتبطت شخصية المهرج بماكدونالدز أو فيدو ديدو بسفن أب وغيرها.

التسويق الإلكتروني

أسس حزب العدالة ما يعرف بالمكتب الرقمي ويضم 180 موظف يعملون طوال اليوم وعلى مدار الأسبوع أثناء تنفيذ الحملة الانتخابية. خلية النحل هذه منهمكة في التسويق الإلكتروني، أدواتهم الحواسيب واتصال بالانترنت وساحات معاركهم الشبكات الاجتماعية والمدونات والمنتديات.

عمل هؤلاء هو متابعة فيس بوك وتويتر ويوتيوب، أنهم يتقاضون المال من أجل هذا حرفياً. يتواجد وسطياً حوالي 90 شخص في أي وقت تزور فيه المكتب الرقمي وينقسم فريق العمل إلى 4 فرق فرعية كل منها يضم 45 شخص.

تتخصص الفرق في: إدارة المحتوى الذي ينشر على الإنترنت ككل، الرصد وخاصة للدعاية والمنشورات المضادة للحزب، التواصل مع المرشحين وتوصيل رد الفعل من الأرض إلى الإنترنت والعكس، التفاعل مع مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الأتراك وخوض نقاشات تتعلق بإهتمامات الناخبين.

ويدرك الحزب أهمية أكراد تركيا وأصواتهم كشريحة من إجمالي السوق لذا تجد أيضاً موظفين من الأكراد يعملون في الفريق من أجل مخاطبة الأكراد بلغتهم ولهجاتهم بدلاً من استخدام اللغة التركية أو لهجة أنقرة لدى الحديث مع ناخب في الريف البعيد.

من نافل القول أن لدى المكتب الرقمي موقعاً يمكن للمرشحين والناخبين التعرف من خلاله على كل ما يتعلق بالحزب، كما أنه أنشئ مئات مقاطع الفيديو الإعلانية القصيرة والأغاني الوطنية الحماسية. هذا إضافة لحسابات رسمية على مختلف الشبكات الاجتماعية وإدارة الصفحات الرسمية للشخصيات الرئيسية في الحزب مع رئيس الوزراء التركي.
وهكذا استخدم حزب العدالة والتنمية التسويق السياسي الانتخابي والجيوش الالكترونية كما فعل الرئيس أوباما عند ترشحه أول مرة وأيضاً يستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي تلك الجيوش الإلكترونية التي تعمل جنباً إلى جنب مع الجيوش الأرضية في عدوانها.

Comments are closed.

%d