لماذا طعم الكولا في بلدي مختلف؟

أثناء النقاش في الجامعة مع طلاب قسم التسويق حول موضوع التدوينة السابقة عن الرعاية، ولماذا بيبسي وليس كوكا كولا من قام برعاية أراب ايدول، ظهر سؤال آخر يتعلق بالكولا كمنتج .. لماذا طعمها يختلف من بلد لبلد؟ مع انها قد تكون لنفس العلامة التجارية أيضاً.

لاحظنا هذا الأمر في بدايات دخول كوكا كولا إلى سوريا، كانت تأتينا من لبنان والأردن وكانت غنية بالغازات لدرجة أنها تخرج من انفك، أما كوكا كولا التي نشربها اليوم والمصنعة في سوريا، غازاتها ضعيفة وحلاوتها زائدة عن الحد المعقول، لماذا؟

هناك وجهتي نظر.

1- عادة الشركات العالمية التي تصنع منتجات عالمية تقوم بما يعرف بدراسة السوق واستقصاء تفضيلات و ذوق الزبائن والبحث بشكل مكثف والمقارنات للوصول إلى التوليفة الأمثل التي تجعله منتج مقبول من قبل الأغلبية.

لنفترض أن لدينا منتج المشروب الغازي الكولا، تتوجه الشركات إلى الزبائن من مختلف الشرائح العمرية وتقدم لهم عدة نماذج، بعضها غازه أكثر، بعضها محلى أكثر، بعضها لونه مختلف .. إلخ وتقوم برصد ردات الفعل لأخذها بعين الاعتبار.

هذا الأمر يمكن أن نعتبره الحالة المثالية، وهو ما لا يحصل لدينا في سوريا مثلاً وفي الكثير من الدول العربية.

2- تقوم الشركات بالتلاعب بمواصفات المنتج لتحقيق أكبر ربحية ممكنة من خلال الضغط على هيكل التكاليف بحيث تخفض من العناصر المكلفة ( كالغازات مثلاً ) وتزيد العناصر الأرخص ( كالسكر مثلاً) وبالتالي يكون المنتج في هذا البلد مختلف بالطعم عن البلد الآخر مع ان كلاهما كولا و كلاهما يعود لنفس الشركة !!

حسناً، لماذا لا تعاقب الشركة الأم المتلاعبين؟ هذا الأمر حصل بالفعل مع منتج آخر وهو دواء البانادول مسكن الآلام المعروف الذي تصنعه غلاكسو سميث كلاين GSK.

حصلت شركة ابن زهر الدوائية السورية على ترخيص صنع دواء البانادول في سوريا، وبالطبع من شروط الترخيص استخدام المادة الفعالة بنسبة لاتقل عن حد معين وحتى ذهبت إلى تحديد المصدر المورد للمادة الفعالة بجودة معينة.

تلاعبت الشركة ولم تطبق شروط الترخيص، قامت بتقليل نسبة المادة الفعالة وأيضاً اصبحت تشتريها من مصدر آخر أقل جودة و أرخص سعر .. هذا من شأنه ضغط التكلفة بالتالي زيادة هامش الربح.

ماذا حصل؟ سحبت الشركة الأم الترخيص من ابن زهر والتي تبين أن لديها تلاعبات اخرى في مواد أولية فاسدة ووصل الأمر بالحجز الاحتياطي على أموال صاحب الشركة ومسؤولين آخرين.

حصلت بعدها يونيفارما على الترخيص وبدأت التصنيع من جديد بالشروط التي وضعتها غلاكسو.

ليس كل الشركات وكل المنتجات تضع شروطاً في تراخيصها تؤدي إلى سحب الترخيص والملاحقة، بالنهاية كوكا كولا لن تنضر سمعتها العالمية إلى حد ما من خلال تلاعب المصنع في بلد ما، بالعكس ما سيحصل هو انخفاض مبيعاته في حال التلاعب وتقديمه بجودة رديئة، أما المرخص فلن يتأثر سوى بالصورة الذهنية السلبية وهذا ما يعمل على تلميعه بشكل دوري من خلال اعلاناته، رعاياته .. إلخ.

6 Comments
  1. زاهر ديركي says

    انا لا اشرب الكولا على كل حال، نزعوها لدرجة صرت افضل دواء السعلة عليها.

  2. waleed says

    مقال جميل
    شكرا على المعلومة

  3. simo eagle says

    المشروبات الغازية خطر على الصحة
    http://ifadahh.blogspot.com/2014/12/Soft-drinks-risk-to-health.html

  4. jenan ghanim says

    شكرا لكم على هذه الجهود فهي تساعدنا بالمناقشة في المحاضرة مع الاستاذ

  5. […] هنا لانتحدث عن تكاليف الانتاج، بل هذه أقل التكاليف خاصة مع كثرة مصادر المواد الأولية بمستويات جودة أقل بالتالي الفاعلية الأقل وهو ما يكثر في بعض الدول العربية التي لا تتشدد بالرقابة. […]

  6. علاء says

    بالنسبة لوجهة النظر الأولى فهي الأصح، كنت قد سئلت قريبا لي يعمل بالشركة الإقليمية التابعة ل Pepsi، وبما أنني محب للمشروبات الغازية، فأنني شديد الملاحظة فيما يتعلق بها، ومما لاحظت في المملكة العربية السعودية وجود حجم 355 مل و 2.25 لتر فقط ولكن ب 6 نكهات من بيبسي إلى 4 نكهات ميريندا إلى ماونتن ديو والشاني، بينما هنا في ليبيا توجد أحجام 330 مل، 0.5 لتر، 1 لتر، 1.5 لتر، و 2 لتر، بينما الأصناف هي بيبسي، نكهتي ميريندا هما برتقال وفراوله، ميريندا بيتر صودا، المهم عندما سئلته عن الإختلاف، قال لي أن من سياسة بيبسي مثلا أنها توّرد لليبيا أكبر كمية من بيتر صودا في شمال أفريقيا لأنها تتلائم مع وجبات الأعراس التي تتكون من الشعير و تسبب الإنتفاخ للبطن، لذلك هم يستعملونها كثيرا، وأيضا ينطبق ذلك على المكونات والطعم.

Comments are closed.

%d