ماذا يقول مدير تسويق كوكا كولا عن التسويق ؟

 

وصف سيرجيو زيمان بأخطر مدير تسويق في العالم وذلك لأنه انقذ شركة كوكا كولا في عام 1986 من أكبر فخ وقعت فيه ، بعد تقديمها لأفشل منتج في التاريخ وهو نيو كوك الذي أمر بإصداره سيرجيو نفسه !

و بعدما اصلح ما أفسدته يده ورفع قيمة الشركة من 40 الى 160 مليار دولار في خمس سنوات ، والمبيعات من 10 الى 15 مليار وحدة بدون حرب اسعار . ترك الشركة !

ولكن ، سيرجيو رجل مهم بالنسبة لكوكا كولا لذا استدعته مرة أخرى لمنصب مدير التسويق في عام 1992 من بعد ما استقال من الشركة في 1988 .

و لكي تنجح في التسويق لابد أن تجعل نتائجك ووسائلك قابلة للقياس الدقيق، دون أن تعمد إلى التخمين. باستخدام الكمبيوتر، أصبح بإمكان كل مدير تسويق أن يدرس أرقام ونتائج الخطط التسويقية ويفحص معلومات الحملات الترويجية بكل سهولة. وهكذا يمكن تحديد العائد من كل دولار يتم إنفاقه في إطار خطة تسويقية معينة لتقييم مدى نجاحها. فإذا لم تحقق الخطة الأرقام المتوقعة منها، فلا تنتظر حتى تمطر السماء ذهباً أو فضة، بل عالج الخلل وعدل افتراضات خطتك بالقدر الذي يصحح المسيرة، وعلى الفور

يرى سيرجيو التسويق على أنه علم وضع وتنفيذ الخطط التي تجعل المزيد من الناس يقبلون على شراء المزيد من السلع والخدمات لتحقيق المزيد من الأرباح. أما مديرو التسويق الذين تفشل مساعيهم فهم أولئك الذين يعتقدون أن التسويق لعبة أو فن. فالشيء الوحيد الذي ينجح فيه المسوق الفاشل هو التسويق لوظيفته وليس لنتائجه.

قديماً تخيل المسوقون التقليديون العلاقة بين التسويق التقليدي والمبيعات على هيئة هرم يحتل التسويق قاعدته والمبيعات رأسه.

وبهذا يقترب قسم التسويق التقليدي من الشركة بينما يقترب قسم المبيعات من العملاء. ولكن هذا المفهوم ليس صحيحا، فهو يقصر المبيعات على العملية التي تتم بين بائع واحد وعميل واحد.

ومع ذلك يمكننا أن نقول أنه:

إذا كان البيع هو الاتصال الذي يتم بين بائع واحد وعميل واحد، فإن التسويق هو الاتصال الذي يتم بين الشركة وجميع العملاء ، وبهذا يشمل التسويق عملية البيع ويسبقها.

يعتقد المسوقون التقليديون أن وظيفتهم في الشركة هي مجرد تخطيط حملات الدعاية الباهظة وإصدار الإعلانات المكلفة وتوزيع الهدايا على العملاء بدون داع. ولذلك ينظر المديرون إلى قسم التسويق على أنه منفذ للإنفاق مثل الثقب في جيب ميزانية الشركة، ويكون هذا القسم هو أول الأقسام التي تتعرض للتقليص عندما تسوء الظروف.

ويعلن سيرجيو موت التسويق إذا ما كان هذا هو التسويق التقليدي، لبدء مرحلة جديدة في تاريخ التسويق غير التقليدي.
لا يهدف التسويق إلى إطلاق الحملات الإعلانية في المواسم المختلفة. وليس التسويق خليطا من الإعلانات والتعبئة وتطوير المنتجات، كما يعتقد كثيرون. فكل هذه الأدوات هي مجرد وسائل يستخدمها التسويق وليست الأهداف ولا الغايات.

فقسم المبيعات لا يستطيع أن يدير حملات الدعاية ولا الإعلانات، لأن هذا يقع في صميم اختصاص قسم التسويق.

لكن هناك فارقا كبيرا بين الوسائل المتاحة لقسم التسويق ووظيفة هذا القسم. فإذا دخلت ورشة النجار ستجد نوعين من الأدوات: أو لا ستجد الأدوات التي يستخدمها النجار، مثل المطرقة والمسامير، كما ستجد الأشياء التي يصنعها النجار مثل الأبواب والنوافذ والكراسي. وعلى مدير التسويق أن يفرق بين الأدوات التي يستخدمها والنتائج التي يصنعها.

إذا اعتقد مدير التسويق أن نشر إعلانات مبهرة هو هدف التسويق وليس وسيلته، فسوف يسعى إلى الفوز بجائزة “أوسكار” في التصوير أو في الإخراج الفني، مهما كلف هذا شركته. لذا يخطئ مديرو التسويق عندما يركزون على نشر إعلانات ذات أهداف ترفيهية لا أهداف تسويقية.

إذا سألت سيرجيو عن استراتيجيتيه التسويقية فهي غاية في البساطة! فهو يعتبر التسويق استثمارا وليس إنفاقا. بمعنى أنه يدرس افتراضاته عن العملاء المستهدفين ثم يجرب كل وسائل التسويق الممكنة لزيادة المبيعات، ثم يبدأ في التنفيذ ويركز على شيء واحد هو: القياس الدقيق والمستمر للعائد من نفقات التسويق في الاتجاه الذي اخترته. فإذا وجد النتيجة إيجابية فإنه يضخ المزيد من الدولارات في هذا الاتجاه.

أما إذا كانت النتيجة سلبية فإنه يدرس أسباب القصور ويطور خطة عاجلة لتعديل المسار، وكأن النتيجة السلبية هي فرصته الحقيقية لتغيير الخطة والشروع في خطة أكثر كفاءة.

وينصحك سيرجيو بأنه عليك أن تذكر عملاءك – دائما – بالأسباب الحقيقية لشراء منتجاتك. فإذا ما وصلت إلى ذلك، جدد هذه الأسباب وأضف إليها أسبابا جديدة، لترفع أرقام مبيعاتك.

هل تتذكر أجمل إعلانات “كوكا كولا”؟ ذلك الذي يصور أحد أبطال كرة القدم المحبوبين يأخذ زجاجة “كوكا كولا” من أحد الأطفال وبعد أن يشرب أول جرعة منها يخلع فانلته ويقدمها هدية للطفل.

يقول سيرجيون أنه قد أعجب “روبرتو جوزيتا” مدير كوكا كولا بهذا الإعلان، كذلك افتخر به الموظفون والموزعون وحتى بطل كرة القدم. ولكني أمرت بسحب الإعلان ووقف إهدار النفقات التي كان يستهلكها. لماذا؟

لأني قمت بقياس أرقام المبيعات قبل عرض الإعلان ثم تتبعت هذه الأرقام خلال فترات عرض الإعلان فلم أجد تغيير ا يغطي النفقات. عند هذه النقطة شعرت بأن الجمهور يحتاج أسبابا مختلفة عما يقدمه الإعلان لشراء “كوكا كولا”.

ففكرة تقديم بطل يشرب “كوكا كولا” لم تحفز الجمهور، وكان علينا أن نجد فكرة بديلة. فكان أن عمدنا إلى تصوير أعداد كبيرة من الناس العاديين يقبلون على شرب “كوكا كولا” في أوقاتهم العادية، عند مشاهدة التليفزيون وعند تناول الطعام وعند ارتفاع حرارة الجو. وبهذا شرحنا للجمهور الأسباب الحقيقية والواقعية لشراء “كوكا كولا”. وفي هذه المرة لاحظت ارتفاعا إيجابيا لأرقام مبيعات كوكا كولا.

تقوم الشركات التي تطبق التسويق التقليدي بزيادة حملات التسويق خلال المواسم التي تتوقع فيها زيادة المبيعات. فمثلا تروج شركات السياحة للرحلات خلال فترات الصيف والعطلات الطويلة. وتقلص الحملات التسويقية في المواسم التي تتوقع فيها انخفاض المبيعات.

ويخلط المديرون بين مواسم الاستهلاك ودورة الأعمال. فيزيدون استثماراتهم والكميات المنتجة من السلع في مواسم زيادة الاستهلاك، ويقلصون استثماراتهم وأعداد الموظفين في مواسم انخفاض الطلب.

أما مدير تسويق كوكا كولا فيمارس ما يدعى بالتسويق المعكوس، وهو نقيض ما سبق. فلا يرى مبررا لزيادة الحملات التسويقية الموجهة لجمهور سيقوم بشراء سلعتك نتيجة لانتعاش الموسم.

تتعمد “كوكا كولا” أن تزيد الحملات الإعلانية في فصل الشتاء الذي يقل فيه استهلاك المشروبات الغازية. لماذا؟ لأن الساحة تخلو من المنافسة التي تنسحب اعتقادا منها بأن فصل الشتاء لا يصلح لبيع المشروبات الغازية. وبانسحاب المنافسين يصبح العملاء ملكا لك وحدك وتستطيع أن تبيع الكميات التي تريدها بشرط أن تبتكر أسبابا جديدة للشراء في غير الموسم.

المسوق المحترف لا ينتظر حلول الموسم ليبيع منتجاته، بل يصنع مواسمه بنفسه. فالتعلل بتقلبات المواسم هو الشماعة التي يستخدمها المسوق الفاشل لتبرير فشله في تسويق المنتجات في أوقات معينة من العام.

القصة الحقيقية ل “نيو كوك”:

يعتقد معظم الناس أن “نيو كوك” كانت غلطة فادحة مني ومن شركة كوكا كولا. لكن الأمر على النقيض من ذلك تماما. فقد قدمنا مشروب “نيو كوك”، وتعمدنا إفشاله لكي يستمر منتج “كوكا كولا” الأصلي، ويتغلب على “بيبسي”.

لقد شنت “بيبسي” حملة تسويقية شعواء موجهة ضد “كوكا كولا”، منذ بداية الثمانينيات. فأجرت مسابقات التذوق مغمض العينين، حيث كانت تستضيف الجماهير وتقدم للناس جرعات من مشروب “بيبسي” و مشروب “كوكا كولا” وهم معصوبي الأعين، على أن يدلي الأفراد برأيهم في مذاق المشروب دون أن يعرفوا هل هو “كوكا كولا” أم “بيبسي”. وجاءت النتيجة في صالح “بيبسي” لأن مشروبها أكثر حلاوة من كوكا كولا، وهذا ليس خافيا.

وبتكرار هذه المسابقات على شاشات التليفزيون بدأ الجمهور يتحول إلى بيبسي. فكان لزاما علينا أن نفعل شيئا. استطاعت “بيبسي” إقناع الجماهير بأن المعيار الوحيد للاختيار بين “بيبسي” و “كوكا كولا” هو حلاوة المذاق. فكان لابد أن نقدم للجمهور مشروب “نيو كوك”. وهو مشروب أكثر حلاوة من “بيبسي” ومن “كوكا كولا” طبعا. وعندما رفض الجمهور هذا المشروب المحلى كان ذلك بمثابة رفض لبيبسي أيضا. فأعدنا طرح “كوكا كولا” على أنها هي الأصل، بعد أن أبطلنا حجة “بيبسي” بأن الجماهير تريد مشروبا أكثر حلاوة. وعادت الجماهير إلى “كوكا كولا” لأنها غامرت بتقديم منتج فاشل ثم أعادت إليهم مرة أخرى المنتج الذي اعتادوا عليه.

لقد كان “نيو كوك” فرصة رائعة لفتح قنوات الاتصال بين الجماهير و كوكا كولا. وهكذا أعدنا تقديم “كوك” واستعدنا مكانتها من خلال إلى إعادتها في وضع أو موقف جديد

 

المبيعات في رمضان:

عندما فاجأني مدير مبيعات الشرق الأوسط بتوقعات متدنية للمبيعات خلال شهر يناير، وعلل ذلك بحلول شهر الصيام لدى المسلمين بالإضافة إلى موسم الشتاء، لم أقبل وجهة نظره بالمرة. وكان على أن أعيد صياغة المشكلة كما يلي:

المسلمون لا يمتنعون عن الأكل إلا في النهار، وعليك أن تكثف حملاتك التسويقية في الليل وبعد الإفطار. بل يمكنك إقناع الناس باستهلاك كوكا كولا بمعدل أكبر لتعويض مشاعر الحرمان خلال يوم الصوم. اجعل “كوكا كولا” أحد المكونات الرئيسية لوجبة الإفطار. ولكي تفعل ذلك، يجب أن تحترم عادات الناس وتبجل تقاليدهم، بأن تتمنى لهم إفطارا شهيا في التوقيت المناسب وبأن تمنع إعلاناتك المغرية خلال ساعات النهار. وكانت فكرتي أنه إذا تمكنت كوكا كولا من التواصل مع المسلمين في هذه الفترة الحرجة فسوف تتضاعف المبيعات في المواسم العادية، وهذا بالفعل ما حدث.

 

 

 

 

6 وصايا للتسويق الجديد:

ترسخت الممارسات التسويقية التقليدية داخل الشركات لدرجة أصابتها بالركود. و ما زال بعض مديري التسويق يصرون على تطبيق نفس الأفكار التسويقية العتيقة، و يصمون آذانهم عندما نطالبهم بتجديد الأساليب التي يستخدمونها.

التسويق الجديد الذي ننادي به هو تسويق إيجابي يحلق في آفاق جديدة بدلا من الغرق في المستنقعات الضحلة.

* اصنع سوقك الخاص بان تعيد تصنيف عملائك و عملاء المنافسين و صياغة رسائلك التسويقية الموجهة إلى العملاء الذين لا يتعامل معهم أحد.

* إذا كان لديك هاجس بان شيئا ما سيقع في المستقبل كأن يفشل أحد منتجاتك أو كأن يداهمك أحد المنافسين، لا تنتظر حتى يحدث هذا بل اقلب الأوضاع و اصنع مستقبلك.

* اعلم أن التسويق مهمة خطيرة لا يجب ترآها في يد وكالات الاعلان لتشكلها طبقا لذوقها الخاص.

* اختر المعايير الصحيحة لقياس نجاح خالتركيز على عدد العملاء.

* كن متحفزا لتغيير أدواتك. ابحث عن الحلول ولا تركز على المشكلات. إذا لم توفر الحلول لعملائك فسيوفرها لهم منافسوك

عن تلخيص كتاب نهاية التسويق الذي كنا نعرفه ، تأليف سيرجيو زيمان نفسه نقلاً عن خلاصات إدارية.

صفحة الكاتب

5 Comments
  1. أنس عماد says

    قرأت المقالة منذ يومين او يوم لا اذكر و علق في عقلي عدة نقاط منه و تعلمت منه فعلا و اعجبتني طريقة العرض

    ثم صدفة اليوم في احدي مواقعي اري احدي اعلانات جوجل تقود لفيديو علي اليوتيوب

    فيديو لشركة كوكاكولا علي قناتها الرسمية

    رابط الفيديو

    http://www.youtube.com/watch?v=d-uc-1X5WJs&feature=plcp

    من اول ما قراته و ما فهمته و تعلمته من المقال امام عيني بشكل عملي

    – علي الهامش : هذا اعلان لمسابقة للموهوبين في كرة القدم تقيمها كوكاكولا لتنافس مسابقة بيبسي التي سبقتها و نجحت نجاح باهرا و اعلاناتهم علي الطرق هذه الايام تؤكد ان بعض لاعبين المنتخب هذه الايام كانوا برعاية بيبسي و مسابقتها

    و رغم ذلك الاعلان اعجبني و طريقته اعجبتني و تذكرت المقال علي الفور

    لو امكن اضافة الفيديو المقصود من المقال و حملة الاعلانات القديمة من اليوتيوب و خلافه .. سيعطي مزيدا من التفاعل مع القراء

  2. عالم الويب.كوم says

    بصراحة إستمتعت وأنا أقرأ هذا الموضوع الجميل والمفيد… والذي يمكنك من معرفة الإستراتيجيات التسويقية لعمالقة مثل كوكاكولا وبيبسي … شكرا جزيلا لك

  3. ابو هاجر says

    جميل جدا المقال وممتع
    كما انت مبدع وموفق دائماً .. تحياتي لك

  4. اية says

    هل كوكا كولا عالميا او دولية و لماذا من فضلكم

  5. […] تحدثنا من قبل عن هذا المنتج الذي أطلقته كوكا كولا بعد أن خسرت حصتها السوقية في بداية الثمانينيات على حساب بيبسي. لذا حاولت إطلاق منتج جديد بطعم يشبه طعم البيبسي. وبعد اختبارات مكثفة تبين لها أن الناس أحبت الطعم الجديد، إلا أنه عند إطلاق المنتج لم يكن الوضع كذلك. بعد أسابيع قليلة تخلت كوكا كولا عن المنتج وعادة لصيغتها السرية التقليدية واستخدمت اسم كوكا كولا كلاسيك للتأكيد على هذا. […]

Comments are closed.

%d