أيهما أكبر … ثلاثة أم خمس عشرة .. عشرين ؟

لا عجب من الموقف الذي اتخذته تركيا عبر زعمائها خاصة رئيس وزرائها رجب طيب اردوغان خلال الحرب على غزة وما سبقها وكان بعدها … كل هذه التصرفات والمواقف تجعلنا بلا نشك نصلي صلاة الغائب على ضمائر الحكام العرب

في حديث للإعلامي احمد منصور من قناة الجزيرة مع رئيس الوزراء التركي قدم لنا وصفة النجاح التي اوصلت تركيا الى هذا المستوى .. والعجيب ان فترتها ثلاث سنوات فقط لا أكثر

تولى حزب العدالة والتنمية  برئاسة أردوغان السلطة بعد الانتخابات البرلمانية التي وقعت في تركيا في 3 نوفمبر من العام 2002 وفي نوفمبر من العام 2005 اجرى معه حواراً انقله لكم :

سألت أردوغان قائلا له : هل يمكن أن تقدم لي بالأرقام والإحصاءات حجم الإنجازات التي قمت بها خلال سنوات من تولي السلطة في تركيا ؟ قال أردوغان وهو في قمة الشعور بالثقة : ; عندما تولينا مقاليد الحكم كانت نسبة التضخم في تركيا 34% ولكن خلال فترة الثلاث سنوات الأخيرة انخفضت هذه النسبة إلى ما دون 8% وآخر نسبة هي 7.52%

وحينما سألته كيف استطاع أن يحقق هذا خلال ثلاث سنوات فقط قال أردوغان : في هذا الموضوع توجد علاقة مع مُعدل الفائدة وعدم التراجع أبدا عن البرنامج الاقتصادي المطبّق والالتزام بالنظام المالي وهي أمور تصرفنا بحساسية كبيرة فيها، مثلا عندما تولينا الحكم كانت معدلات الفائدة عالية جدا، نسبة الفائدة الاسمية كانت 70%، أما الآن فانخفضت إلى 14% والفائدة السوقية كانت في حدود 34%..35%

أما الآن فأصبحت تتراوح ما بين 8%، 9%، 7% وهذا جعل نسبة النمو الاقتصادي في تركيا تصل إلى 8% في السنوات الثلاث الأخيرة وهذا جلب الاستقرار وإلى جانب ذلك هدفنا لهذا العام ( يقصد بالعام 2005 )  الوصول إلى نسبة 5% وسنحققه أيضا بنفس الشكل

أما حجم الديون فقد كان 91% أما الآن فقد انخفض إلى ما يُشكل نسبة 63.4% فقط من الناتج القومي الإجمالي وصادراتنا وصلت إلى مستوى تفوق فيه الاثنين وسبعين مليار دولار وأصبح حجم تجارتنا الخارجية في حدود مائة وتسعين.. مائة وخمسة وتسعين مليار دولار وفي السياحة حققنا انطلاقات هائلة، فقد كان عدد السياح الذين يفدون إلى تركيا عند تولينا الحكم حوالي تسع ملايين سائح

أما الآن ( أي في العام 2005 )فقد فاق عدد السياح القادمين إلى تركيا العشرين مليون سائح سنويا وباتت القدرة الاستيعابية للأسرّة السياحية عاجزة عن تلبية الحاجة وأصبحت تركيا دولة معروفة باستقرارها وموثق بها عالميا

وفي مجال الخصخصة حققنا النجاح الأكبر في السنوات العشر الأخيرة وكل ذلك كان له آساهم إيجابي وهام في انخفاض معدل التضخم وزيادة معدل النمو في تركيا وفي نفس الوقت دخلت تركيا في استثمارات جادة سواء في البُنى التحتية أو الفوقية، في التعليم والصحة والمواصلات والإسكان الجماعي، حيث بلغ عدد المساكن الجاهزة التي شرعنا في بنائها منذ ثلاث سنوات وحتى نهاية هذا العام مائة وخمسين آلف مسكن وسيكون عدد المساكن المُسلّمة فعليا لمستحقيها حتى نهاية العام  ( يقصد بالعام 2005 طبعاً )ستة وخمسين آلف مسكن وحققنا ذلك عن طريق مؤسسة تابعة لرئاسة الوزراء تُمكن المواطن من الحصول على مسكن مناسب بدفع ثمنه على أقساط شهرية بدون فوائد تتراوح مدتها ما بين عشر.. خمسة عشر.. عشرين سنة وهذه الإنجازات أدت إلى انتعاش جاد في السوق

أما أسعار العقارات التركية فقد شهدت ارتفاعا كبيرا ومع ذلك نحن نبيعها بسعر رخيص عن طريق إدارة الإسكان الجماعي

وحينما سألته عن الإستراتيجية التي نهجها لتحقيق ذلك خلال ثلاث سنوات فقط قال أردوغان في ثقة الزعيم رجل الدولة : هنا أؤمن بأمور ثلاثة

أوّلها إدارة الإنسان

ثانيها إدارة المعلومات

وثالثها إدارة الأموال

عند نجاحكم في هذه الأمور الثلاثة فإنكم ستحققون نتائج هائلة ونحن الآن في الطريق إلى تحقيق ذلك وعندما نحققه بالكامل سيرتفع معدل نجاحنا أكثر، هذا هو الحدث ; .

وصفة النجاح هذه استطاعت خلال ثلاث سنوات فقط وضع تركيا على الخارطة في كل شيء وبقيت خريطة الدور الاقليمي والسياسي والعالمي فكانت الحرب على غزة  الفرصة لبروز دور تركيا الهام وجميعنا شاهدنا ذلك

لن نقول ثلاث او عشرة .. بل قل خمس عشرة … عشرين سنة … هل يمكن مقارنة ما حدث في سوريا خلال هذه الفترة بما حققته تركيا خلال ثلاث سنوات فقط مع اننا نملك من الموارد اكثر مما تملكه تركيا لكننا نفتقد لإدارة الانسان فكيف يمكننا من إستكمال وصفة النجاح وقد فقدنا أول حجر اساس فيها وفاقد الشيء لا يعطيه

قال ابن خلدون في مقدمته الشهيرة عن الحضارة ” ليست الحضارة في تطاول وكثرة العمران إنما في بناء الإنسان “

4 Comments
  1. حسام الأخرس says

    وبمقولة ابن خلدون ياصديقي قد فسرت ما سبق هذا ما ينقصنا الان بناء الانسان والجيل الجدبد لنبدأ من هنا

  2. ناسداك says

    الانسان اهم شيء في الكون ” وخلقناه في احسن تقويم ” … ” هديناه النجدين ”

    يكفي للإنسان ان يحترم 9 مليار خلية عصبية في دماغه تعمل بتنظيم معقد للغاية وتنجز اعقد العمليات … ان احترمها وعرف كيف يستفيد منها سيرتقي الى اعلى المراتب حتما

    اهلا بك حسام

  3. مستر بلوند says

    طيب .. كلام جميل يا عزيزي .. كيف بمقدورنا أن نبني الإنسان ؟؟
    ألسنا بحاجة إلى بناء التعليم من جديد .. ألسنا بحاجة إلى بناء الثقافة وترميمها ..
    بناء المجتمع وفرض التغيير على طرق التفكير والنظر إلى الأمور ..

    من خلال دراستي للإدارة وجدت أن إدارة المادة الرمادية وهي الفكر البشري .. هي من أصعب أنواع الإدارة .. ولكن الأهم وبحسب إعتقادي أن الإنسان في تركيا هو على درجة من التطور التي يستطيع أن تكمل معه وأن تستفيد منه لتبني أي شيء .. أما الإنسان عندما فهو لا يجد ما يأكله وطوال حياته تعتير وهموم .. والأغلب الأعم من تفكير أناس المؤسسات الحكومية قائم على الرشوة والفساد والمحسوبيات ..
    فما الفائدة إذا بنيت شيء ما وجاء الفساد وهدمه بعد أيام .. ولهذا نحتاج إلى أن نقضي على الفساد ثم نريد كل شيء ..

  4. ناسداك says

    اهلا بك مستر بلوند في هذه الفسحة المتواضعة

    بناء الانسان يكون بإعادة النظر بكل ما يتفاعل به هذا الانسان من حوله حيث التعليم والصحة والقضاء والاعلام وكل شي يتفاعل معه ويساهم في تكوين شخصيته

    بالتأكيد سيكون الفكر البشري بل العنصر البشري من اعقد العناصر ادارة وهذا ما يميز العلوم الاجتماعية عن الطبيعية حيث لايمكننا التكهن بسلوكيات الافراد وليس هناك قواعد ثابتة لكل زمان ومكان …

    ليس من مشكلة ان لا يجد الانسان ما يأكله … لكن المشكلة ان يبقى على هذا الحال واذكر قول لشخص لم اعد اذكر اسمه بأنه قال ذات يوم ليس العيب من ان تولد فقيراً لكن العيب ان تبقى كذلك

    وبيل غيتس غادر هارفرد في السنة الثانية ومنذ بضعة سنوات حاضر فيها قائلا بأنه لو خسر امواله سيعود للدراسة فيها واعتقد كان يعني ما يقوله وليس من باب المزاح المستحيل

    الاهم من بناء شيء هو ان نستفيد من هذا البناء اذن ما الفائدة من بناء جيل مسلح بالعلم لكنه لايعرف يستخدم علمه بما يفيد حياته لا بل يجعله معقدا لمسيرته

    الفساد طاعون العصر يستشري ليدمر …

Comments are closed.

%d